AR

استكشف سمرقند

تعد سمرقند واحدة من أقدم المدن في العالم: إذ يعود تاريخها إلى 2750 عام. لقد استطاعت سمرقند أن تكون عاصمة لعدة دول، واحتلت مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا هامًا عبر تاريخها الطويل فضلاً عن كونها نقطة رئيسية على طريق الحرير العظيم من الصين إلى أوروبا. ما هي المعالم السياحية في سمرقند ومدن أوزبكستان الأخرى التي يتعين على السياح إلى معرفتها؟

ساحة ريجستان

"ريجستان" في مدن الشرق الأدنى هي الساحة المركزية. ولهذه الكلمة جذور: "ريج" - الرمل و "ستان" - المكان. ولكن من أتى بالرمال إلى الساحة المركزية؟ بحسب إحدى الروايات، رُشت الساحة بالرمال بعد بعد تنفيذ عمليات إعدام علنية. ووفقًا لرواية أخرى - أكثر ايجابية من تلك - كانت الأرض مغطاة بالرمال، ذلك أن هناك قناة رئيسية كان يتم من خلالها إمداد المياه للسكان.

تشتهر ساحة سمرقند بمجموعتها المعمارية التي لا مثيل لها وتعتبر من أجمل نماذج العمارة الإسلامية في العالم. إذ يوجد في وسط المجمع ثلاث مدارس دينية وهي مؤسسات تعليمية دينية إسلامية مبنية وفق طراز مميز. وتعد آثار رائعة للعمارة الشرقية. وهذه المجموعة المعمارية مدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

في القرن الخامس عشر، بدأ أولوغ بيك في تزيين الساحة. وقد أصبحت مدرسة "أولوغ بيك" أول مبنى يُشيد في ساحة ريجستان. وفي القرن السابع عشر، وبناءً على أوامر من يالانغتوش بهادور، بدأ بناء مدرسة "يالانغتوش" الكبيرة، والتي أعيدت تسميتها فيما بعد لتصبح مدرسة "شير دور" والتي عند ترجمتها تعني "المًزينة بالأسود". وقد شُيد المبنى على مدار 17 عامًا. وتقف المدرسة ملاصقةً محور مدرسة أولوغ بيك، بحيث تمثل انعكاسًا كاملًا لواجهتها.

بُنيت مدرسة "تيليا كاري" من قبل يالانغتوش بهادور في أواخر حكمه وأحاطت بالساحة من جهة الشمال. وبحلول هذا الوقت، أصبح حال كلا المسجدين الكبيرين في سمرقند سيئًا للغاية، وواجه البناة المهمة الصعبة المتمثلة في دمج مسجد الجمعة في مبنى واحد من المدرسة.

علاوةً على ذلك، من ساحة ريجستان يمكن رؤية قبة التجارة القديمة "تشورسو"، مما يؤكد وضع ساحة ريجستان كمركز تجاري في سمرقند منذ العصور الوسطى. وفي العام 1989، سكت عملة تذكارية بقيمة اسمية قدرها 5 روبل في الاتحاد السوفياتي مكرسة لساحة ريجستان.

ضريح كور أمير

يحتوي ضريح كور أمير على رفات الفاتح والحاكم العظيم الأمير تيمور، وكذلك أحفاده الذكور. يضم قبر كور أمير في ثراه رفات الحاكم العظيم والفاتح أمير تيمور، وكذلك أحفاده الذكور. لقد بدأ بناء الضريح في العام 1403 بناء على أوامر من تيمور نفسه لحفيده المحبوب محمد سلطان والذي توفي في إحدى حملاته العسكرية على آسيا الصغرى. وفي العام 1404، ذهب تيمور في حملة عسكرية نحو الصين تحقيقًا لحلم حياته. ولكن في فبراير/شباط من العام 1405 وافته المنية في مدينة فاراب (اُترار) بنتيجة التهاب رئوي. وعلى عجل، نُقل جثمان الحاكم إلى مدينة سمرقند ووريّ الثرى في الضريح. ومنذ ذلك الحين، أطلق على هذا الضريح اسم جور أمير ("قبر الحاكم العظيم"). والشكل الخارجي ضريح كور مدهش في بهائه وعظمته. ويدعي بعض الباحثين أن بنية هذا الضريح هي التي ألهمت مبدعي تاج محل الأسطوري في الهند. عمل أفضل حرفيي الشرق، الذين اختارهم أمير تيمور شخصيًا، على تصميم وإنشاء الزخرفة الداخلية للقبر. 

أحاطت بضريح كور أمير خلال تاريخه الطويل العديد من الأساطير. على سبيل المثال، يُعتقد أن لوح النفريت فوق مكان دفن تيمور قد يجلب سوء الحظ لأولئك الذين يأتون إلى هنا بأفكار غير الجشع والسوء. ويجذب قبر الفاتح العظيم المعجبين به سنويًا من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى كل من يهتم بالعمارة الشرقية.

مرصد أولوغبيك

لقد بنى أولوغبيك وهو حفيد أمير تيمور أحد أهم المراصد في العصور الوسطى على تل كوخ بالقرب من مدينة سمرقند بين الأعوام 1424 و 1428. وقد تم العثور على بقايا الجدار الدائري للمرصد وكذلك الجزء السفلي من أداة الرصد الرئيسية الضخمة للمرصد والتي نزلت في الصخر إلى عمق 10 أمتار وفحصها عالم الآثار ف. ل. فياتكين في العام 1908.

يعرف المؤرخون أن أولوغبيك كان مولعًا جدًا بعلم الفلك. وقد مثل بناء المرصد تجسيدًا حقيقيًا لحلمه. وصمم البرنامج العلمي للمرصد لمدة 30 عامًا على الأقل (الفترة المدارية لزحل).

لقد عمل في مرصد أولوغبيك علماء فلك مشهورون مثل قاضي زاده الرومي وغياث الدين جامشيد وعلى الكوشي. وهنا وبحلول العام 1437 تم تجميع" زيجي-غوراغان" والمعروفة باسم "الجداول النجمية لأولوغبيك". وهي عبارة عن كتالوج للسماء المرصعة بالنجوم، حيث تم وصف إحداثيات 1018 نجم و 650 مدينة بالإضافة إلى إحداثيات السماء المرصعة بالنجوم. كما حددت مدة السنة هناك: 365 يومًا و 6 ساعات و 10 دقائق و 8 ثوان. ومدة السنة الفلكية وفقا للبيانات الحديثة هي 365 يومًا و6 ساعات و 9 دقائق و 9.6 ثانية. وبالتالي فإن الخطأ شكل أقل من دقيقة واحدة (1).

وبعد وفاة أولوغبيك، واصل المرصد العمل لمدة 20 عامًا لاحقة. بعدها هُجر مبنى المرصد لفترة طويلة وفقط في بداية القرن السادس عشر تم تفكيكه واستخدام أحجاره في البناء. 

مدينة افروسياب

إلى الشمال من مدينة سمرقند الحديثة هناك مدينة كبيرة وهو موقع مدينة سمرقند قبل الغزو المغولي. ويطلق عليها اسم أفروسياب، وقد سميت على اسم أحد أبطال الملحمة الفارسية، ملك بلاد توران. وهنا بالتحديد كانت المدينة عامرة بسكانها وتجارتها منذ القرن السادس قبل الميلاد إلى أن تم تدميرها على أيدي الغزاة المغول في العام 1220.

بعد أن صمدت سمرقند في وجه غزوات العديد من الفاتحين، لم تستطع التعافي من حرب جنكيز خان المدمرة، الذي أمر بمحو المدينة من على وجه الأرض. وقد كانت هذه الواقعة بالنسبة لسكانها حدثًا جللًا لدرجة أنهم لم يجرؤوا على العودة والاستقرار على هذه التلال. ولكنهم عادوا لاحقًا إلى أطلال سمرقند واستقروا عند سفحها..

تبلغ مساحة المدينة 219 هكتارًا. وفي أفراسياب اكتشف علماء الآثار 11 طبقة ثقافية، مما يعكس ثقافة العصور التاريخية التي تطورت على مدى أكثر من قرنين ونصف. وفي المدينة تقاطعت شوارع مرصوفة مستقيمة وقُسمت المدينة إلى أحياء تُسمى "غوزار". وكانت محاطة بجدران دفاعية قوية وبداخلها قلعة - شهرستان، باٌضافة إلى العديد من المعابد والمباني السكنية وورش العمل الحرفية.

وتُحفظ قطع الأثرية التي تكتشف في مدينة أفراسياب في متحف تاريخ تأسيس مدينة سمرقند والذي تم افتتاحه عام 1970. ويقع في الجزء الشرقي من المدينة.

وفي العام 1965، استيقظت الدولة على وقع حدث عظيم في مجال دراسة تاريخ الثقافة المادية ليس فقط لشعوب أوزبكستان، ولكن للعالم كله - ففي سمرقند وفي موقع أفراسياب على وجه التحديد، اكتشف علماء الآثار مجمع قصر يحتوي على لوحات جدارية. ويعود تاريخ المجمع إلى عصر ما قبل الفتح العربي لهذه البلاد أي قبل القرن السابع الميلادي. وقد زينت اللوحات القصصية المتعددة الألوان الجدران الأربعة لقاعة مربعة كبيرة تبلغ مساحتها 11×11 مترًا.  

وتعتبر الجداريات المعروضة في القاعة المركزية للمتحف في مدينة أفراسياب القديمة فريد\ة من نوعها ولا مثيل لها بالنسبة لعصرها. فقد زُيّنت قاعة الاستقبال في المنزل والتي كانت تقع على بعد بضع مئات من الأمتار إلى الغرب من المتحف. كما اكتشف علماء الآثار منزلًا أرستقراطيًا كبيرًا. ويعتقد على نطاق واسع أنه قصر أو مقر إقامة الحاكم نفسه، والذي حكم في الربع الثالث من القرن السابع.

شاه زنده

شاه زنده وهو مجموعة من أضرحة النبلاء القراخانيين والتيموريين في سمرقند. وهو مجمع يتكون من 11 ضريحًا تم توصيلها على التوالي ببعضها البعض على مدار القرنين الرابع عشر والخامس عشر. وهذه الأضرحة مغطاة بالبلاط الفيروزي أو الأزرق الداكن ومُزينة بزخارف نباتية.

في وسط المجموعة يتربع مجمع قثم بن العباس، والذي يضم عدة مباني، بما فيها ضريح قثم بن العباس القديم ومسجد من القرن السادس عشر. ومدخل المجمع هو عبارة عن باب كبير نُقش عليه التاريخ 1404-1405. 

وفي العام 2001، أدرج مجمع شاه زنده على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وفي الأعوام 2004-2005 وبأمر من حكومة أوزبكستان خضع المجمع لعملية ترميم شاملة، فقط أُزيل السياج وفتح الفناء الذي يحتوي على مسجد ومدرسة تعودان إلى بدايات العصور الوسطى (القرن الحادي عشر) وآثار الأضرحة السابقة المكتشفة.

1 / 4
مدينة افروسياب
مرصد أولوغبيك
ساحة ريجستان
ضريح كور أمير
مدينة افروسياب
مرصد أولوغبيك
ساحة ريجستان
ضريح كور أمير